الثلاثاء، 15 يوليو 2014

التنمية كمفهوم: بين إشكالية الخطاب وواقع الممارسة

 
بقلم الحسين ابعسين
oubaassin@gmail.com

تعتبر التنمية من المفاهيم والقضايا التي احتلت موقعا مركزيا في المجتمع المعاصر، وأثارت جدلا وخلافا واضحا حول إعطائها تعريفا ومفهوما واحد وموحدًا على نحو دقيق بين مختلف الدارسين من مختلف العلوم والتخصصات الاجتماعية ( الجغرافية، الاقتصادية، الاجتماعية، السياسية...)، وأنها لم تجد حلا بعد، ولا يمكن لهذا الحل أن ينتج في إطار الرأسمالية، وهكذا فإن مفهوم التنمية ذاته هو مفهوم نقدي يحمل في طياته أبعادا إديولوجية وسياسية أكثر منها تنموية، بحيث عكست العلوم الاجتماعية خلال النصف الأخير من هذا القرن اختلافات أصبحت الدلالات الإيديولوجية لمفهوم التنمية تطمس مفاهيمه على أرض الواقع([1]). فهو كذلك من المفاهيم التي يكتنفها الغموض بل والتحريف. استعمل هذا المفهوم في بداية ظهوره كمصطلح اقتصادي له ارتباط بالتقدم والتخطيط والإنتاج ليصبح فيما بعد ذا أبعاد مادية ومعنوية. ومما زاد في الأمر تعقدا هو صعوبة تبيئة هذا المفهوم في مجتمعات دون أخرى. لكن رغم ذلك فيبقى من المفاهيم والمصطلحات الأكثر تداولا واستعمالا في الدراسات والأبحاث سواء الأكاديمية منها أو السياسية أو الاقتصادية...، في إحالة منه على التطور والنماء والتحسن. كما أنه يشكل الهدف الأسمى الذي تصبو إليه جل المجتمعات. فمفهوم التنمية كان ولا يزال التحدي الكبير الذي يواجه لدى غالبية المجتمعات خاصة في بلدان الجنوب أكثر منه في دول الشمال، وبالتالي فمواجهة هذا التحدي ليس بالأمر الهين. كما أن فهم ما يعنيه مفهوم التنمية يمس حاضر ومستقبل حياة الإنسان في جميع أنحاء العالم، فأي عمل تسبقه فكرة، وكلما وضحت الفكرة سهل العمل. لدا فإن تعزيز ما يعنيه المفهوم أو بما ينبغي أن يعنيه، وتوسيع الاتفاق على ذلك بين المهتمين بقضاياها ومشاكلها، أفراد ومؤسسات، يسهل تحديد أهدافها وسبل السعي إلى تحقيق هذه الأهداف في ضوء الخيارات المتاحة([2]).