الكتاب، مدخل من مداخل التنمية والقراءة أحد مفاتيحها المهمة
للكتاب عبر التاريخ أهمية بالغة في تقدم المجتمعات من الناحية؛ الاجتماعية،
الثقافية، السياسية، الاقتصادية...، وهو بمثابة جسر تواصل بين الأجيال والحضارات
وحافظ أسرارها وله دور أساسي ومحوري في الحفاظ على ذاكرة الشعوب والمجتمعات. إلا أنه
بدون وعي هاته الأخيرة بأهمية القراءة والكتاب الذي يعد وسيلة تواصلية/تثقيفية
بالدرجة الأولى بين الأفراد على اختلاف مستوياتهم وتوجهاتهم من الصعوبة بمكان أن
نتحدث عن مجتمع معرفة تنبع وتسود فيه الأفكار الخلاقة والمبدعة.
ولعل صناعة الكتاب وما يعززه من إنتاجات علمية، فكرية وأدبية وتسويق ومبيعات
وأرباح، لَمُؤشّر دال على وجود سياسات واستراتيجات واضحة تخص الكتاب (بجميع مراحله
من الإنتاج وصولا إلى القارئ إلى التداول...) ويدخل ضمن دورة التنمية بجميع
مستتوياتها وأبعادها لأي مجتمع يريد تحقيق الريادة والتقدم على جميع الأصعدة.
إن المتتبع للمجتمعات التي قطعت أشواطا مهمة في التنمية سيلاحظ أن الكتاب كان
دوما حجر الزاوية لتقدمها، خاصة أنه يعد سوق اقتصادية قائم بذاته ولذلك جعلته
وتجعله ضمن أولويات سياساتها واستراتيجياتها التنموية.
ومما لا شك فيه أن الحضارات القديمة والجديدة مبنية بدرجة كبيرة على اقتصاد
المعرفة حيث الانتقال من مجتمع مستهلك للمعرفة إلى منتج لها يعدّ أمرا ذا
أهمية قصوى وهو ما يمكن أن يساهم في تنمية المجتمع.
إن أهمية صناعة الكتاب وتداوله وتسويقه وتجارته تكمن في مساهمتها على
"إحداث التغيير في مختلف مجالات الحياة الفكرية والاجتماعية والاقتصادية...
للمجتمع، ومنه تحقيق التنمية البشرية.
إن ما تقاسمته هنا على موضوع الكتاب مردّه أولا إلى كوني كنت ضمن فريق البحث
من الطلبة الذين اشتغلوا على "جغرافية الكتاب ودوره في التنمية البشرية
بمراكش".
وبالمناسبة ف "جغرافية الكتاب"، موضوع جغرافي تناول بالدراسة
والتحليل من خلال أربعة عشر تيمة بحثية بتأطير من الأستاذ المصطفى عيشان سنة 2011، كل ما
يتعلق بالكتاب بمراكش، بدءا من الإنتاج إلى صناعة وتداول الكتاب بمراكش، مع رصد
لعادات القراءة واستكشاف لأماكنها ببعض المؤسسات التعليمية، خزانات... ورصد لعادات
الشراء وأماكن تجارته (أكشاك، مكتبات، معارض للكتاب...إلخ)، مع دراسة صنف من أصناف
الكتب ذات صلة بالذاكرة التاريخية، والذي له ارتباطه وثيق بذاكرة المجتمع لمعرفة
مدى إسهامه في التنمية البشرية. ثم إلى كيفية انتشار الكتاب داخل المدينة العتيقة
بمراكش من خلال إنجاز خريطة تحدد أماكن انتشاره وتوزيعه وعدد الكتب بكل مؤسسة وكذا نصيب الفرد الواحد من الكتب... كل ذلك اعتمادا على معطيات مستقاة من الميدان.
من أهم المحاور التي تم الاشتغال عليها (أنظر العناوين في الصورة المرفقة)
14 موضوع حول "جغرافية الكتاب ودوره في التنمية البشرية" بمراكش
لقد كان الاشتغال على موضوع "جغرافية الكتاب ودوره في التنمية البشرية بمراكش" بمثابة محاولة علمية ميدانية لإبراز أهمية الكتاب في حياة الأفراد واستراتيجيات المؤسسات للمساهمة في تداوله بمراكش وكيف يمكن للقراءة أن تكون السبيل والمدخل لاهتمام الأفراد بالكتاب خصوصا، وفي مختلف مناحي الحياة (داخل الأسرة، في المدارس والمؤسسات الجامعية، الخزانات، إعلاميا، في المقاهي...إلخ) عموما.
أختم بالمقولة التالية ل"راي برادبوري"، أن "ليس عليك أن تحرق الكتب لتدمر حضارة، فقط اجعل الناس تكف عن قرائتها وسيتم ذلك"
ملاحظة، رغم أن الدراسة تعود لسنة 2011 إلا أن الموضوع جدير بالاهتمام في أي وقت. وسنعود إليكم مجددا في الموضوع !