الأحد، 3 فبراير 2013

نماذج تحليل مقالات جغرافية


بقلم الحسين ابعسين
oubaassin@gmail.com

المقال الأول:
جوانب من التحولات الاجتماعية المجالية في أرياف سهل الغرب
المقال الثاني:
Problèmes de développement dans les oasis marocaines


قبل البدء في تحليل هذين المقالين لابد أن نضعهما في الإطار العام؛ أي إلى أي كتاب ينتمي؟ وإلى أية جغرافية؟ وأي فرع ضمن هذه الجغرافية يمكننا تصنيفهما؟ ما هي الإشكالية التي يدافع عنها كل كاتب في مقاله؟ ما هي المفاهيم التي استعملوها في مقالهما؟ أي منهج اعتمدوه؟ وما نوع الوسائل الإيضاحية(البيانية) التي وظفوها في مقاليهما؟ما هو أسلوب اللغة التي كتبا بها المقال؟

المقال الأول: 
جوانب من التحولات الاجتماعية المجالية في أرياف سهل الغرب

ينتمي هذا المقال لصاحبه موسى كرزازي (أستاذ بكلية الآداب الرباط، منسق مجموعة البحث حول الأرياف) إلى حقل العلوم الاجتماعية الجغرافية البشرية عامة وجغرافية الأرياف خاصة، نشر هذا المقال في كتاب تحت عنوان "التحولات الاجتماعية المجالية في الأرياف المغربية، منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، سلسلة ندوات ومناظرات رقم 28، من تنسيق وتقديم عبد اللطيف بنشريفة ومحمد أيت حمزة(كلية الآداب الرباط) سنة 1994. يقع هذا المقال في تسعة صفحات ابتداءًا من ص 47 إلى ص 61.

من خلال قراءتنا لمقال موسى كرزازي يمكن القول أن الإشكالية التي يدافع عنها هي أن سهل الغرب عرف تحولات كبيرة على مستوى المجال والمجتمع خاصة بعد التدخل الأجنبي في مطلع القرن 20، ومن تم حاول البحت عن العوامل المرتبطة بهذه التحولات، ثم المراحل التي مر منها السهل على مستوى التطور الحاصل في التعمير وحجم الكثافات السكانية في السهل مند أوائل ق 20 إلى حدود 1988، ثم نوع الاقتصاد السائد خلال هاتين المرحلتين، والشق الأخير من إشكاليته تناول انعكاسات هذه التحولات على تغيير المنظر الريفي بسهل الغرب، وعلى ظروف عيش السكان وعقليات وسلوك الفلاحين.

ويقول موسى كرزازي في هذا المقال معززا طرحه الإشكالي أن هذا التطور الحاصل في السهل لازال مستمرا ومتباين مجاليا واجتماعيا. ثم على مستوى الضيعات والاستغلاليات هناك ما هو تقليدي(ذو أدوات بسيطة تقليدية) وعصري(ذو تقنيات فلاحية حديثة)، إلى جانب هذا فسهل الغرب يعرف اختلالا في التوازن بين المراكز القروية من جهة والدواوير من جهة ثانية على مستوى التجهيزات والخدمات الاجتماعية، والتفاوتات الاجتماعية على مستوى الثروة والاحتياط العقاري مما نتج عنه مظاهر الغنى والفقر داخل نفس المجال الجغرافي.

أما فيما يتعلق بالمفاهيم التي استعملها موسى كرزازي في مقاله نجد ما يلي:

التكثيف الفلاحي، المجال، المجال الجغرافي، الرعي المقلال، فلاحة مغلالة، المنظر الريفي، الزراعات الحولية، المجال الفلاحي، تكثيف الإنتاج، الازدواجية، الاكتفاء الذاتي، التكثيف الزراعي، الحيازة، التكثيف الفلاحي، المناظر الفلاحية، الإصلاح الزراعي، مسلسل التمدن، الوسط الريفي، الري، مسلسل التنمية...

وفيما يخص المنهج؛ فسلك الكاتب المنهج الاستنباطي (ينطلق من المقدمات، وما يتوصل إليه الباحث تكون لها علاقة بالنتيجة) حيث انطلق من مقدمة تحدث فيها عن التحولات التي شهدها سهل الغرب من الناحية المجالية والاجتماعية، ثم تطرق فيها أيضا أشكال الاختلالات بين الحواضر والقرى على مستوى التجهيزات والخدمات الاجتماعية والفقر المدقع إلى جانبه الغنى، التكثيف الفلاحي... والخاتمة التي انتهى بها لها ارتباط وثيق بما تطرق إليه في المقدمة مع تقديمه لبعض الحلول التي يراها كفيلة للحد من الاختلالات التي يشهدها سهل الغرب ولتنمية المنطقة من سبيل توفير شروط جديدة لتحسين عيش السكان وصيانة كرامتهم لينخرطوا في مسلسل التنمية، مع مراجعة الأوضاع العقارية والاهتمام بالبعد الاجتماعي بموازاة مع البعد الاقتصادي وذلك بإقامة تجهيزات اجتماعية وتقديما الخدمات الضرورية للسكان في عين المكان كالرعاية الصحية والتعليم، والتكوين المهني الملائم لبيئتهم.

أما بخصوص وسائل الإيضاح التي وظفها الكاتب في هذا المقال من أجل تدعيم رأيه فركز بشكل أكثر على الجداول؛ جدول تصميم استغلال التربة بالغرب، جدول تطور الساكنة الريفية، جدول رصيد الهجرة في الوسط الريفي للغرب مقارنة مع بعض الأقاليم (1975-1982)، ثم جدول خاص بالهجرة المتبادلة بين الوسطين الحضري والريفي بالمغرب. في حين لم يوظف بعض الوسائل البيانية الأساسية بالنسبة للجغرافية؛ خاصة في تبيان التحولات المجالية في سهل الغرب كالخريطة والصورة الجوية وهاتين الأخيرتين لهما دور مهم في التعرف على التحولات التي طرأت على المجال سواء تلك المتعلقة بالتطور السكاني بالغرب أو نتيجة إدخال أساليب الري العصري...

أما من حيث اللغة التي كتب بها موسى كرزازي مقاله فهي بسيطة للغاية ولا تحتمل أي غموض بالنسبة لقارئها.

المقال الثاني:
Problèmes de développement dans les oasis marocaines 

المقال الذي بين أيدينا للكاتب عبد اللطيف بنشريفة ينتمي إلى الجغرافية البشرية، نشر في كتاب التحولات الاجتماعية المجالية في الأرياف المغربية، منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية الرباط، سلسلة ندوات ومناظرات رقم 28. من تنسيق وتقديم الأستاذ عبد اللطيف بنشريفة و الأستاذ محمد أيت حمزة الطبعة الأولى 1994. يقع في 14 ص ابتداءًا من الصفحة 9 إلى الصفحة 36.

الإشكالية التي طرحها الكاتب في هذا المقال هي؛ مشاكل التنمية بالواحات المغربية(بعض الاتجاهات الحديثة)، والمتعلقة أساسا بالموارد المائية(أزمة ندرة الموارد المائية)، التحولات والتغييرات التي حدثت على مستوى الأنظمة الفلاحية والبنيات الاجتماعية، الأنظمة السقوية، التركيبة الديمغرافية.

هذا المقال يمكن تصنيفه ضمن حقل الجغرافية الاستثنائية، والتي انطلق من خلالها من بديهية ومسلمة مفادها أن لكل وحدة مجالية خاصياتها وأصالتها وشخصيتها التي تميزها على أخرى، ويتجلى هذا في المقال من خلال قول الكاتب "الواحات المغربية تستحضر تجارة القوافل القديمة، والمساحات الخضراء في الصحراء، والقصور والمناظر الطبيعية الخلابة، ولكن إلى جانب هذه الصور المجازية التي يفضلها على حركة السياحة الجماعية، فالواحة لا تزال في المقام الأول خُلِق نظامها البيئي بفعل التدخل البشري في بيئة صعبة من أجل تلبية ودعم حاجيات المجموعة السكانية الكثيرة. ولكن الواحة المغربية المغربية في الوقت الحاضر أمام العديد من التحولات، من الصعب إدماجها في أنظمة اجتماعية واقتصادية جديدة والتي تعمل فقط على تهمشيهم، الهجرة والتغير الثقافي في جزء كبير من الساكنة النشيطة، وأحيانا التدخلات المتباينة للدولة...".

يرى الكاتب أن الواحات (الصحراوية والشبه الصحراوية) أصبحت موضوع للنقاش والحوار المختلفين من قبل أصحاب القرار السياسي والباحثين. إن الواحات بالمغرب عبارة عن مجالات هشة، ولازالت نظاما للإنتاج التقليدي وبنيات فلاحية بتقنيات عتيقة، وفي نفس الوقت يمكن أن تعطينا صورة عن الواحات بشكل عام في شمال إفريقيا والتي تتعرض للتدهور من وقت إلى حين والبعض يدق منبها لإثارة الانتباه نحو الموت البطيء الذي بدأ يستقر بهذه المجالات الواحية.

إلى جانب ذلك تطرق الكاتب في مقاله هذا عن الدعامات الهيدروفلاحية والاجتماعية لأنظمة الواحات المغربية، ويقول في هذا الصدد أن الواحات بالمغرب وللأسف رغم محدوديتها المجالية وانقطاعها المكاني، فلا زالت تعتبر شكلا رئيسيا من أشكال التكيف الإنساني مع تحديات قحولة الوسط. كما أنها لعبت دورا هاما في التاريخ من الناحية الثقافية والسياسية والديموغرافية وحتى الاقتصادية، وطورت نظاما من الأنظمة الفلاحية التقليدية الأكثر شدة في العالم لتلبية حاجيات السكان المستقرة بها. وينضاف إلى هذا أن الواحات المغربية تعرف امتدادا قويا في الجنوب (منظومة جبال الأطلس)، من المحيط الأطلنتي في الغرب حتى الحدود المغربية الجزائرية في الشرق، كما تحدث المقال عن المشاكل المتعلقة أيضا بالمياه الباطنية في الواحات وعن حجم الكثافات السكانية بهذه المجالات، كذلك تطرق المقال إلى مجموعة من الخاصيات المهمة التي تميز الواحات كوحدة الحضارة المائية، الهياكل الاجتماعية، سيادة نوع من التضامن. كل هذه السمات شكلت عوالم مصغرة للأحداث الثقافية السائدة. فكل جماعة بشرية بالواحات تحدد أولا من خلال الساقية (séguia) أو تارﮜا (targua) بالأمازيغية، كما تستعمل بعض تقنيات السقي القديمة في ري المناطق الزراعية كالشادوف والدلو.

تحدث المقال أيضا عن تقنية الخطارات ومسلسل توزيع المياه في اتجاه الحقول المتفردة والمحروثة الذي يمر عبر شبكات تراتبية للقنوات من الأصغر فالأكبر وصولا إلى المشارات الصغرى (الﯖمون)، كما أن السقي في المجالات الواحية يتم تحت أنظمة قانونية نسيجية متشابكة، الكل يتساوى في العمل بالنظام المائي المعتمد استجابة للبنيات الاجتماعية للواحة وبالتالي فلكل جماعة حق الولوج إلى الماء وفقا لما تم الاتفاق عليه. تطرق المقال أيضا إلى بعض البنيات القبلية والطائفية القديمة، العبيد السود (الحراطين). وبعض الوظائف الدينية والرمزية التي كانت من ارث الفئات المرابطية، والتاريخ يتذكر أن المجتمعات الواحية كانت حتى مراحل متأخرة عبودية أكثر.

تطرق الكاتب في مقاله كذلك عن التحولات الحديثة بالواحات المغربية حيث كانت هذه الأخيرة فيما مضى ليست سوى أنظمة مغلقة على جميع التأثيرات الخارجية، كانت مشاركة في تجارة القوافل عبر الصحراء مع كبار الرعاة الرحل من حولهم. وسيطرت على الاقتصاد التقليدي من أجل تحقيق الاكتفاء الذاتي. لكن الصدام الذي وقع مع المستعمر أصبحت في وضعية جديدة. وبالتالي الاندماج في اقتصاد مالي كوني. كما أن الضغط الديموغرافي والضغط على الموارد الهيدروفلاحية من بين العناصر المؤثرة في مستقبل الواحات، وبالتالي النتيجة الأساسية لهذا التطور هي الهشاشة الاقتصادية والثقافية لهذه الأوساط التي كانت بالأحرى المفضلة. لقد صاحب هذا أيضا تحول المراكز ذات الجاذبية الاقتصادية نحو المدن والجهات الساحلية، مما أدى إلى إفقار المجالات الواحية اجتماعيا وعرقيا...

إلى جانب هذا كله تطرق المقال إلى مسألة التطور السكاني بالمناطق الواحية والبحث عن موارد جديدة كالهجرة والنزوح نحو المدن والمواقع الداخلية ذات الوظائف الخذماتية كالدار البيضاء، الرباط وفاس ومراكش...وهذا العامل لعب دورا هاما في التحولات التي تشهدها المجالات الواحية.

وتحدث الكاتب في هذا المقال عن دور السلطات العمومية وفي هذا الإطار فبعد الاستقلال نهج المغرب سياسة للتنمية ركزت على بناء السدود كسد حسن الداخل على واد زيز (oued Ziz) وكان الهدف من وراء ذلك هو ضمان استمرار المياه في مختلف الواحات، ثم برنامج محاربة الإرمال.

وفي الأخير قدم الكاتب نموذجا للتحولات الحديثة بالواحات المغربية ويتعلق الأمر بواحات فكيك حيث تناول المميزات العامة لهذه الواحات خصوصا تلك المتعلقة بحجم مياه السقي حسب كل هكتار، ثم المنافسة والصراعات القائمة حول الماء بهذه الواحات من خلال إحداث الخطارات. كما قدم مجموعة من المعطيات الفلاحية حول واحة فكيك، وكذا بعض عناصر الأنظمة السقوية بها كالسواقي التقليدية (souagui) ذات مرونة كبيرة في واحات فكيك، ثم من جانب أخر تحدث عن النظام التقليدي للإنتاج ففي هذه الواحات تتنوع أنظمة الإنتاج الفلاحي بقوة في الحقول المسقية. يشير الكاتب عبد اللطيف بنشريفة أيضا إلى عوامل التطور والتي منها الضغط الديموغرافي وتأثيرات المصادر الخارجية كأزمة الهجرة وانعكاساتها ثم وضعية الحدود مع الجزائر.

أما بالنسبة للمنهج المعتمد في هذا المقال فقد سلك الكاتب المنهج الاستنباطي حيث انطلق من العام إلى الخاص وذلك من خلال حديثه أولا عن الواحات بشكل عام لينتقل إلى الخاص حيث اعتمد فيه نموذج واحات فكيك.

وبخصوص المفاهيم المستعملة فهي كثيرة سنقتصر على ذكر البعض منها كالتالي:

الواحة
oasis
الساقية 
séguia
أنظمة الإنتاج
systèmes de production 
الإرمال
l’ensablement 
الوفرة
abondance 
الهجرة الداخلية
émigration extérieure
الكثافة
intensité
حضارة الماء
civilisation hydraulique 
الهشاشة
marginalisation
الهجرة
émigration 
الرصراصة
travertins 
التنوع
diversité
السديمة المائية
nappes phréatique
التدهور
dégradation
الخطارة
Foggara/khatara
الوسط
milieu
المشارة
parcelle
النظام الايكولوجي الواحي 
écosystèmes oasiens

وفيما يتعلق بالوسائل البيانية فقد وظف الكاتب الخرائط والجداول.

بعض الواحات التي تم التطرق إليها من خلال مقال الأستاذ بنشريفة:
واحة فكيك، واحة درعة، واحة دادس، واحة تازارين، واحة النقوب، واحة تودغا، واحة مكون، واحة تنغير،واحة تافيلالت

هناك تعليقان (2):

  1. السلام عليكم اخي الكريم انا بحاجة ماسة الى هذين المقالين ان امكن لاني سوف اشتغل على نفس الموضوع الذي عالجاه لكن بواحات طاطا,المرجو ان توفروا لديك ارسلهم لي وجزاك الله خيرا

    ردحذف
    الردود
    1. وعليكم السلام، عليك أن تبحث عن هذا الكتاب
      "التحولات الاجتماعية المجالية في الأرياف المغربية، منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، سلسلة ندوات ومناظرات رقم 28، من تنسيق وتقديم عبد اللطيف بنشريفة ومحمد أيت حمزة(كلية الآداب الرباط) سنة 1994
      الكتاب يمكن الحصول عليه بخزانة كلية الآداب أكدال، الرباط
      أما المقالين فلا أتوفر عليهما لأني اشتغلت في الكتاب مباشرة

      حذف